مرّت ثلاثةُ أعوامٍ ،، على الذكرى التي سَلبت مِنّا القلوبَ والأرواح ،،،
وأطفئت النهارَ بغيومِ الدُخانِ المُستعر ،،، فجعلتَ مِنَ الليلِ نهاراً يَستَعِرُ بأصواتِ النغمِ الحزين ،،،
كَانت الأيامُ أشبهُ بمؤقتٍ زمني ،،، إن مَرّت دقيقةَ كان الخوفُ فيها يشتدُّ وطأةً ،،،
ولا نعلمُ إن قطفت في طَريِقها أزهاراً أكثر أم مرّت على غيرِ العادةْ " بسلام " ،،،
أصواتٌ أربكت الكبير قبل الصغير ،،، وأهوالٌ تركت نِهايتها مُعلّقةُ لِما هو قادمٌ وأشدّ ،،،
كان الموتُ كأنهُ طيفاً يَجول الشوارِعَ والأزقةَ والبيوت ،،، يأخذُ قلباً في طريقهِ ،،،
ويترُكُ آخراً إلى أن يحينَ موعِدهُ ،،، الشمسُ غابت عن السماءِ لَكِنّها في قُلوبِنا بقيت ،،،
وأقمارُ الليلِ أفلِت إلا من عيونِ أطفلنا ، فما فتئت تُزهِرْ ،،،
بُحورُ الموتِ كانت تُغرِقُ الناسَ كُلٌّ من حيِثُ يدري ولا يدري ،،،
هذا في بيتهِ إستُشهد ،، وذاكَ في صلاتهِ ،،، وآخرَ في نومهِ ،،
رأينا من الموتِ فصولهِ الأربعة ،،، وطقوسهِ العتيّةَ ،،،
وأمواجهِ التي تَضربُ بِلا رحمةَ ،،، ولم يَكُن لديناَ خيارٌ أخر ،،،
إلا الصبر والصمود ،،،
الذي رأيناهُ في عيونِ طفلٍ تعلّقَ بِطُهرِ الحياه ،،، ورسمَ في مُخيلتهِ مدرسةً يذهبُ إليها كُل صباح ،،،
وحديقةً يلهو بها وقتَ اللعب ،،، وبيتاً يُشعِرهُ بالدفءِ والآمان ،،،
لكنّ الصورة إختلفت في مُخيلتهِ ،،،
وسقطت من يدهِ الأقلام التي كان يرسم بِها الطريقَ إلى الموت " المدرسة " ،،،
وقنابل " حديقة " يلهو بِها ،،، وحُطاماً " بيتاً " قتلَ فيهِ الدفء والأمان ،،،
لكنَه وبرغمِ الموتِ الذي يُحاصِرُ طريقه أينما حَلَّ وذهب ،،، وعينيهِ أينما إستدارت ،،،
لم يَعرِفُ إلا طريقاً واحداً تجذّرَ في أعماقهِ الحزينةَ " الصبر والصمود " ،،،
الألمُ في شدّتهِ مُخيف ،،، وفي داومهِ يقتل ،،، عشرينَ يوماً إحتضنت الأرضُ أحزاننا ،،،
وتزينت السماءُ بِدمائنا ،،، وأفراحُ الشهادةِ لم يخلو مِنها بيتُ أحدنا ،،،
صُنوفُ الموتِ تعلمناها حتى إمتلئنا بالذكرياتِ الخالدةَ ،،، والآلام المُطبقةَ ،،،
حتى الملاذ والمفر ،،، نالَ نصيبهُ من الحُزن وبكت مآذنهُ علينا وبكينا عليها ،،،
عشرونَ يوماً ونحنُ نحتَرفُ الحُزنَ والإنتظار ،،، عشرونُ يوماً ،،،
أطبَقت الأرضُ جوفها وللســــماءِ أبوابــــُ ،،،
نَدقُ عرينها بأرواحِنا فتشيِرُ بكفيها سلاماً ،،
قدّي أو إتشحي دونَها سَوادُ الليلِ بُهتاناً ،،،
سنحيا من بعدِ الموتِ في ظِلالكِ كِراماً ،،
الصمتُ تَلونَ ألوانهُ ولكِنه على قلوبِنا أطبق ،،، والإنتظارُ جُلّهُ يَحرِقُ الدقائق المتبقيةَ ،،،
ليومٍ مرَّ هكذا ،،، سقطت دُموعُ الطَهرِ من عيونِ الأمهات ،،،
وتألم الكُلُ على فقيدِ أو وأكثر ،،، و جُرحٍ ينزفُ من أوردةِ الصمت ،،،
وَطني وقِبلتي المنسيّةَ من الأحداق ،،،
عربي وعُرّبي وشامةُ مقدسِ الأجلِ ،،
صِباي وهرميِ وقلبي يَحمِلُ دمي ،،،
وحنينُ الموتِ في غُربةِ المنفى أملِ ،،
أيا حَالِماً بأرضِ الوداد أو شطرها ،،
سيبكي طِفلكُ وتبتسمُ أنت في خجلِ ،،
قُل لي يا جُرحيَ النازفُ أينَ ألقاك ،،
فلقد مات دمعي وبِتُ أبتسمُ على طللِ ،،
عينيكَ أغمضت القلوب كُلما تألمت ،،
وهل يشفيِكَ دوائي إن كُنتُ في وجَلِ ،،
في ذكراها الثالثةَ ،،،
لا تبكي يا مدينةَ الفرحِ المؤجل ،،،
ولتصدحي بصوتِ مآذنِ الأرض ،،،
لَسّتُ أخشــــــــاكَ يا صاحب ال3ذكرى